Thursday, December 15, 2011

مقبرة العلماء

إن عهد الطاغية المشئوم لم يكن مقبرة للعلماء فحسب بل هو مقبرة للأدباء, للكتاب ,لكل البارزين من أهل الفضل والمروءة والنبل. ذلك لان العلماء هم الذين نوه الله بمكانتهم عنده, ووصفهم بأجمل الصفات والنعوت التي يحبها الله في عباده المخلصين ... فقال جل من قائل : "إنما يخشى الله من عباده العلماء" كما أن المصطفى صلى الله عليه وسلم ذكر أن "العلماء ورثة الأنبياء" 
و"العلم يبني بيوتا لا عماد لها 
والجهل يهدم بيت العز و الشرف"


عمل ذلك الطاغية المتكبر طيلة عهده الغابر على إطفاء مصابيح الهدى والنور, وحرم هذا الشعب الأبي من قادة الفكر ومنارات الهدى والخير.
مدينة طرابلس كانت تعج بالعلماء وبمعاهد الدين الإسلامية , وكان يقصد معهد ميزران , ومعهد احمد باشا وفود كثيرة من طلبة الزاوية وغريان والقره بوللي ومن كل مكان , إضافة إلى الطلبة من طرابلس نفسها وضواحيها ,


وفي مدينة زليطن (زليتن) وقماطه ومسلاتة والزاوية وغريان وغيرها معاهد عامرة لتحفيظ القرءان , وتعليم العلم الشريف واذكر من العلماء الذين كانوا يقومون بالتدريس في معهد احمد باشا وحده أصحاب الفضيلة 1- الشيخ علي النجار 2- الشيخ علي الغرياني 3- الشيخ المهدي ابوشعالة 4- الشيخ عبدالرحمن القلهود 5- الشيخ ابوبكر بلطيف 6- والشيخ محمد المصراتي
وفي معهد ميزران بالإضافة إلى الشيخ علي الغرياني الشيخ علي العربي المسلاتي والشيخ الهادي ابن سعود 


أما لو أراد الإنسان أن يسرد أسماء العلماء خارج المعهدين المذكورين لطالت بنا القائمة لتشمل أعدادا كثيرة من أصحاب الفضيلة العلماء أمثال الشيخ منصور ابوزبيدة , والشيخ سليمان الزوبي , والشيخ الهادي عرفة , والشيخ محمود المسلاتي , والشيخ محمد ابن عليوة , والشيخ عمر الجنزوري , والشيخ الطاهر سبيطة , والشيخ عز الدين الغرياني, والشيخ الصادق الغرياني , والشيخ عبدالسلام خليل , والشيخ حميدة الحامي , والشيخ خليل المزوغي , والشيخ علي سيالة وغيرهم 


أما عن مشايخ المعهد الأسمري ومعهد الدوكالي , وزاوية الأبشات وزاوية أبوراوي وغيرها فحدث ولا حرج هؤلاء العلماء كانوا متواجدين في عصر واحد.
كذلك لو أضفنا إلى هؤلاء الأفذاذ قوائم الخريجين من كليات الأزهر الشريف ومن جامعات القاهرة لامتد بنا العدد إلى عشرات وعشرات من خريجي الزاوية وطرابلس ومصراتة وغيرها وغيرها هؤلاء العلماء جميعا وأمثالهم عاشوا في عهد الطاغية المشئوم مغمورين ممنوعين من نشر العلم وفيض المعرفة في بيوت الله وبين مواطنيهم المشغوفين بالعلم, المتعطشين لنهل المعرفة من منابعها الصافية .


هذا ولجهل كثير من شبابنا المعاصر بأصحاب الفضيلة هؤلاء وأمثالهم ممن لم تحضرني أسماؤهم تجرؤوا على القول بان طرابلس ليس بها علماء.
وبديهي أن هؤلاء العلماء وغيرهم قد ورثوا علمهم لشباب لا يحصون عددا والذي منع من ظهورهم وانتفاع الناس بهم أمثال د.محمد عزالدين الغرياني, ود.عبدالرحمن الميلادي, والشيخ حسين شرلالة, والشيخ محمد ابوسعيده هو السبب نفسه الذي حرم الناس من الانتفاع بعلمهم...عوضنا الله خيرا في علمائنا الذين لا يزالون على قيد الحياة في عهد ثورتنا الظافرة.


عبدالقادر الجهاني

روح وجسد

كل كائن حي مكوناته روح وجسد, هذا هو القاسم المشترك بين الإنسان الذي خلقه الله وأبدع صنعه, وبين الحيوان بكل أصنافه وأنواعه, وندع ألان عالم الحيوان جانبا, ونخلص إلى عالم الإنسان الذي فضله الله, و حباه بمزايا وعطايا كثيرة.
من هذه المزايا والعطايا ما ندركه ونعقله, ومنها ما لا يدركه منا إلا العالمون " الم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة و باطنة". ودعنا مرة ثانية من الإنسان الكافر وهو معرض عن ربه و منصد عن سبيله        "أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولائك في ضلال مبين" إنما الذي يهمنا هنا ذلك الإنسان المسلم فهو الخليفة في الأرض والمطلع بحقوق خالقه عليه هذا الإنسان المسلم – ذكرا كان أو أنثى هو موضوع الحديث والبحث والاهتمام.
غذاء الروح وغذاء الجسد
يا خادم الجسم كم تشقى لخدمته
                                    أتطلب الربح مما فيه خسران
فانهض إلى الروح فاستكمل فضائلها
                                     فأنت بالروح لا بالجسم إنسان

هذا وغذاء الآدمي غني عن البيان والتعريف, نعرفه ونتناوله ونسعى إليه ونحث له الخطى, وان كنا لا نتوقف في تناول أطعمتنا عند الضروري من الطعام والشراب, بل نتجاوزه إلى ما تشتهيه أنفسنا وتدفعنا إليه متابعتنا للغير وتقليده, ولو أدى ذلك في النهاية إلى إلحاق الضرر بصحتنا أحيانا. هذا عن غذاء الأجسام فماذا عن غذاء الأرواح ياترى؟!

شرع الله العبادات لتسد هذا الجانب من حاجة الإنسان الروحية: الصلاة – الصيام – الحج – قراءة القرآن وتدبره – قراءة أحاديث المصطفى وتفهمها – ذكر الله – الصلاة والسلام على رسول الله – تعلم العلوم والمعارف التي تؤدي إلى معرفة الله عز وجل, ومعرفة رسوله, وتأثير هذا الرسول في إصلاح الأفراد والجماعات, إلى آخر ما هنالك مما يساهم في تكوين شخصية المسلم تكوينا قويا وسليما.

ولنعد من حيث بدأنا: نعود إلى الصلاة, فما هي هذه الصلاة التي تغذي أرواحنا, والتي تصلنا بخالقنا في لحظات نسعد فيها بالوقوف
بين يدي ربنا: نناجيه – نتأمل ما نتلوه من كلماته – تخشع قلوبنا – تمتلئ صدورنا حبا وإجلالا وتعظيما لهذا الإله الخالق الأجل الأعظم.
هل الصلاة المطالبون بأدائها هي تلك التي نحظى فيها بمثل هذه التأملات والاشراقات, أم هي هذه الصلاة التي لا تعدو أن تكون حركات ذات ركوع وسجود وحسب. وهنا يبرز موضوع ذو خطورة وجلل, نوه عنه رسولنا في قوله:" من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لا تزيده من الله إلا بعدا "
فإذا ما أردنا يا إخوتنا أن نسلم من غضب الله علينا فلنراجع أنفسنا ونحن نصلي وتسائلها هل هذه الصلاة التي نقوم بأدائها ألان هي تلك الصلاة التي تليق بربنا وخالقنا, وصاحب الفضل علينا وعلى الناس أجمعين.
التفكير يا إخوتي في الصلاة وفي سواها رقي روحي – التفكير يساهم في تخليصنا من الركود الروحي – التفكير يورث المعرفة الحقة – التفكير قرب إلى الله – التفكير قد يؤدي إلى تحقيق سعادات لانهاية لها.


عبدالقادر الجهاني

وانطلق المارد

أن ثورتنا المباركة لم يقتصر نفعها على الإنسان فحررته من العبودية والاستبداد وخلصته من السجون والهوان ولكن قد تعدي نفعها الى هذا القلم المعطاء , فانطلق قويا مدويا وظل صارخا مزمجراً : يتفاعل ويتعانق مع أصوات أسلحة المجاهدين الأبطال , تلك الأسلحة المنطلقة الى صدور الكتائب المعتدية الظالمة التي صبت نيران راجماتها ولعدة أشهر على الأحياء الآمنة فدمرتها وقطعت أشلاء ساكنيها الأحرار. ظالم سلط ظلمته , ومجرم سلط ذئابه ... فاقد لكل معاني الإنسانية سلط سفاكي الدماء ومنتهكي الحرمات .. بئس الحاكم هو , وسحقاً لتلك الكتائب المجرمة التي شُتت شملها ومزق كيانها ثوارنا الأشاوس في كل بقعة أرض من تراب أرضنا الغالية ...
فألف تحية وتحية لثوارنا في كل مكان , وألف تهنئة وتهنئة لشعبنا البطل المغوار
ورحم الله شهداءنا الابرار , واسكنهم فسيح الجنان . آمين

أخوتي اصحاب الأقلام الشريفة الصادقة ان القلم هو الوسيلة الكبرى للتفهيم والتبيين , وهو الذي يغذي عقول القارئين بذخائر العلوم من عقول العلماء , وافهام الحكماء , وقد ذكر الله في سياق الامتنان قوله (( الذي علم بالقلم ,علم الانسان ما لم يعلم ))
ثم ان العلوم المخبأة في بطون الكتب كلها من نتاج هذا المخلوق البسيط في شكله , الخطير في أثره وتأثيره .
وحتى يلفت المولى جل وعز نظرنا إلى عظيم نفع هذا القلم أقسم به في مبدإ سورة من كتابه المجيد فقال (( ن والقلم وما يسطرون ))وأنت أخي القاريء وأنت اختي القارئة وكل من تعلم ويتعلم لولا هذا القلم ونتاجه الوفير النافع ما سما هذا الانسان الذي فضله الله على كثير من خلقه واوصله إلى مدارج الرقي الحضاري حتى حقق من الفوائد المادية والمعنوية ما لم يكن يحلم به احد من قبل وكما أن اللسان ترجمان القلب , فكذلك القلم هو ترجمان العقل والقلب والخواطر أن هذا القلم الثائر اليوم . كان قد مضى عليه عدة عقود من الزمن وهو مكمم لا ينطق ببنت شفه , وممنوع من ان يفصح عما في الصدور , ويترجم عما في الخواطر .
لهذا ونطرأ ً لما للكلمة من تأثير على النفوس , وتوجيه صائب أو خاطئ لمسار المجتمعات ؛ لذلك وجب مراقبة الله تعالى في كل ما نقول ونكتب .. نسأل الله التوفيق والسداد


عبدالقادر الجهاني