Thursday, December 15, 2011

روح وجسد

كل كائن حي مكوناته روح وجسد, هذا هو القاسم المشترك بين الإنسان الذي خلقه الله وأبدع صنعه, وبين الحيوان بكل أصنافه وأنواعه, وندع ألان عالم الحيوان جانبا, ونخلص إلى عالم الإنسان الذي فضله الله, و حباه بمزايا وعطايا كثيرة.
من هذه المزايا والعطايا ما ندركه ونعقله, ومنها ما لا يدركه منا إلا العالمون " الم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة و باطنة". ودعنا مرة ثانية من الإنسان الكافر وهو معرض عن ربه و منصد عن سبيله        "أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولائك في ضلال مبين" إنما الذي يهمنا هنا ذلك الإنسان المسلم فهو الخليفة في الأرض والمطلع بحقوق خالقه عليه هذا الإنسان المسلم – ذكرا كان أو أنثى هو موضوع الحديث والبحث والاهتمام.
غذاء الروح وغذاء الجسد
يا خادم الجسم كم تشقى لخدمته
                                    أتطلب الربح مما فيه خسران
فانهض إلى الروح فاستكمل فضائلها
                                     فأنت بالروح لا بالجسم إنسان

هذا وغذاء الآدمي غني عن البيان والتعريف, نعرفه ونتناوله ونسعى إليه ونحث له الخطى, وان كنا لا نتوقف في تناول أطعمتنا عند الضروري من الطعام والشراب, بل نتجاوزه إلى ما تشتهيه أنفسنا وتدفعنا إليه متابعتنا للغير وتقليده, ولو أدى ذلك في النهاية إلى إلحاق الضرر بصحتنا أحيانا. هذا عن غذاء الأجسام فماذا عن غذاء الأرواح ياترى؟!

شرع الله العبادات لتسد هذا الجانب من حاجة الإنسان الروحية: الصلاة – الصيام – الحج – قراءة القرآن وتدبره – قراءة أحاديث المصطفى وتفهمها – ذكر الله – الصلاة والسلام على رسول الله – تعلم العلوم والمعارف التي تؤدي إلى معرفة الله عز وجل, ومعرفة رسوله, وتأثير هذا الرسول في إصلاح الأفراد والجماعات, إلى آخر ما هنالك مما يساهم في تكوين شخصية المسلم تكوينا قويا وسليما.

ولنعد من حيث بدأنا: نعود إلى الصلاة, فما هي هذه الصلاة التي تغذي أرواحنا, والتي تصلنا بخالقنا في لحظات نسعد فيها بالوقوف
بين يدي ربنا: نناجيه – نتأمل ما نتلوه من كلماته – تخشع قلوبنا – تمتلئ صدورنا حبا وإجلالا وتعظيما لهذا الإله الخالق الأجل الأعظم.
هل الصلاة المطالبون بأدائها هي تلك التي نحظى فيها بمثل هذه التأملات والاشراقات, أم هي هذه الصلاة التي لا تعدو أن تكون حركات ذات ركوع وسجود وحسب. وهنا يبرز موضوع ذو خطورة وجلل, نوه عنه رسولنا في قوله:" من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لا تزيده من الله إلا بعدا "
فإذا ما أردنا يا إخوتنا أن نسلم من غضب الله علينا فلنراجع أنفسنا ونحن نصلي وتسائلها هل هذه الصلاة التي نقوم بأدائها ألان هي تلك الصلاة التي تليق بربنا وخالقنا, وصاحب الفضل علينا وعلى الناس أجمعين.
التفكير يا إخوتي في الصلاة وفي سواها رقي روحي – التفكير يساهم في تخليصنا من الركود الروحي – التفكير يورث المعرفة الحقة – التفكير قرب إلى الله – التفكير قد يؤدي إلى تحقيق سعادات لانهاية لها.


عبدالقادر الجهاني

No comments:

Post a Comment